أخبار وتقارير

من الملف الأسود لصالح..علي أحمد ناصر الوجرة قصة وطن حكمته عصابة

المستقلة خاص ليمنات

دعوه لمقابلة الرئيس صالح فقتلوه واخفوا جثته 24 يوماً قبل أن يرموا بها في مجرى السيل

استدعوا شقيقه إلى إدارة الأمن فغيبوه من الوجود واخفوا زوجته الثانية منذ 31 عاماًرفض تقبيل ركبتي الشيخ فقادوه إلى السجن وأشعلوا الحرب ضده

الوجرة حراً بزفة مشعوذ

وصادف أن جاء شيخ من صنعاء اسمه (طًريق) ليجمع دية عسكري قتله شخص من القفر، فوصل إلى منزل الرويشان لجمع الدية وعندما علمت والدة علي أحمد الوجرة بما حدث لابنها عادت إلى قريتها والتقت بالشيخ القادم من صنعاء واشتكت بما صار لابنها وطلبت منه التدخل لإطلاق سراحه وفعلاً تدخل هذا الشيخ غير أن الرويشان وعد بإطلاقه بعد ثلاثة ايام، وخلالها ارسل برسول إلى مشعوذ لقراءة الطالع ويسأله عن مستقبل علاقته بهذا السجين فقال له المشعوذ احلق للسجين شعر رأسه والبسه ملابس نظيفة وأخرجه يوم أربعاء على ظهر خيل واعمل له مهرجاناً “نوع من التشهير” واجعل اتجاه السير نحو القبلة لمسافة معينة فإذا وجدتم أمامكم ناراً فهو عدو وإن لم تجدوا ناراً فسيكون بينكما صلح نفذ الشيخ وصية المشعوذ وفي الطريق وجدوا كمية كبيرة من القصب “بقايا الحصاد” تحترق فقال الشيخ سوف تكون القاضية عليّ، ولكنه أطلقه.

وبعد خروج علي أحمد الوجرة من السجن ذهب إلى عامل القفر “مدير المديرية” واشتكى بالشيخ بما فعل ونهب فأرسل العامل قرابة 16 عسكرياً ليأتوا بالشيخ فدفع الشيخ أجرة العسكر واستدعى شخصية من اقارب الوجرة ليذهبوا إلى العامل ويشهدوا ضد علي أحمد غير أن علي أحمد تنبه لمكر الشيخ فاعترض طريق الشخصين وأقنعهما بالعودة وعندما عادوا سجنهما الشيخ عقوبة لهما وظل على صراع مع الشيخ لمدة عامين تقريباً وقاضاه وحصل على احكام بالتعويض واستعاد ما نهبه الرويشان في الفترة الماضية بالضعف.

بعد اغتيال الرئيس الحمدي استغل الشيخ الفرصة وجمع رجاله لمحاربة علي أحمد الوجرة فدارت معركة من الصباح إلى بعد الظهر استطاع خلالها الوجرة وستة من رجاله أن يدحروا قوات الشيخ الكبيرة، فذهب بعدها الرويشان إلى المحافظة واشتكى فأرسل المحافظ “المتوكل” لجنة لتقصي الحقائق فاتضح بأن الشيخ هو المعتدي.

الوجرة ينضم إلى الجبهة

انضم علي أحمد ناصر الوجرة إلى الجبهة الوطنية الديمقراطية التي تشكلت للانتقام لمقتل الحمدي ومن أجل تحقيق الوحدة اليمنية ومقاومة النظام الرجعي الذي سيطر على مقاليد السلطة في الشمال ومن أجل ذلك تواصل الوجرة بقيادات جنوبية فجرى دعمه وشكّل خلايا للجبهة ليبدأ فصل من الصراع مع سلطات الشمال واستمرت الحرب قرابة ست سنوات وبعدها طلب “صالح” من بعض الدول التدخل لإيقاف الحرب مع الجبهة فتدخلت عدة دول مثل مصر، الكويت، ليبيا وغيرها واقتنع علي ناصر محمد بأن لا مكان للبندقية وبدأ الحوار الخديعة مع نظام صالح آنذاك واستمر قرابة عامين حيث جرى الاتفاق على ضم عناصر الجبهة إلى الجيش في الشمال وتوزيعهم على وحدات عسكرية ومؤسسات مدنية.

مكر صالح

في سبتمبر 1985م وجه النظام دعوة للوجرة لحضور الحفل بمناسبة عيد 26 سبتمبر وأرسلوا له طائرة مروحية لنقله إلى صنعاء، فقبل الدعوة وحضر الاحتفال وبعد الاحتفال انتقل إلى معسكر اللواء الثامن صاعقة “سابقاً” بصحبة قائد اللواء محمد أحمد إسماعيل، وهناك اقترحوا عليه أن يقود 600 جندي من أفراد الجبهة سابقاً الذين انضموا للجيش لإرسالهم إلى العراق ضمن الألوية التي أرسلت لتقاتل إلى جانب الجيش العراقي ضد إيران فوافق وهو لا يعلم بنوايا السلطة وتم تجهيز القوة وألقى فيهم الوجرة محاضرة وجرى تجهيزهم بالمستلزمات الضرورية وتحركوا إلى مطار صنعاء للالتقاء بنائب رئيس هيئة الأركان “علي محمد صلاح” وظل الوجرة في اللواء على ان يتحرك في الصباح إلى مطار صنعاء وبقي محمد أحمد إسماعيل إلى العاشرة مساءً في جلسة ظاهرها الود مع الوجرة.. ثم غادر إلى منزله وبعد ساعة تقريباً أتصل لإبلاغ علي أحمد الوجرة بضرورة التوجه لمقابلة الرئيس قبل السفر إلى العراق واقترح عليه عدم اصطحاب مرافقيه حسب اجراءات الرئاسة..

وافق الوجرة وغادر برفقة شخص واحد فقط هو محمد علي عمر وخرج من البوابة الغربية للمعسكر وأثناء خروجه أوقفه مجموعة من العسكر وانزلوه ومن معه وأطلقوا عليهم النار وأردوهما قتيلين.

وفي صباح اليوم التالي اعتقل بقية مرافقي الوجرة وزج بهم في السجن.

اخفيت جثة الوجرة لمدة 24 يوماً وأثناء تلك الفترة استدعوا شقيقه الأكبر محمد أحمد ناصر الوجرة إلى إدارة أمن عتمة واختفى حتى هذه اللحظة مع مرافقيه وجرى اعتقال كل أقاربه العسكريين وعددهم 15 جندياً ووضعوا في سجن اللواء الثامن آنذاك. كما جرى اعتقال حراس المنزل في القرية وتصفيتهم بدم بارد في منطقة نائية مجاورة.

الوجرة جثة هامدة في مجرى السيل

بعد أربعة وعشرين يوماً وجدت جثة الوجرة ملقاة في جانب الطريق في منطقة “باب غثوة” مديرية القفر وعليها آثار إطلاق نار وليس عليها آثار تعفن مما يدل على أنها كانت محفوظة في ثلاجة طيلة الفترة الماضية وبسبب أوضاع تلك المرحلة لم يتجرأ أحد على دفن الجثة إلى أن جاءت والدته واخته من أمه فقمن بحفر حفرة في جانب الوادي ودفن الجثة ولم يزل قبره في جانب الوادي حتى اليوم.

زوجته تتنبأ بمقتله

ترك علي أحمد ناصر الوجرة ستة أطفال ثلاثة أولاد وثلاث بنات من زوجته الأولى التي توفيت قبله بأقل من شهر وقد أحست بأن زوجها وشقيقها في وضع خطير وحكت هذا لمن كان جوارها ودعت الله بأن يميتها قبلهما إن كان يعلم بأنهما سيقتلان.. كان كلامها في العصر وفي المغرب صلت وجلست وطلبت من ابنها الأكبر محمود وكان طفلاً في الثامنة من العمر أن يجهز “المداعة” لوالدها وتحركت إلى باب المنزل وصاحت وعندما ذهبوا إليها وجدوا على أصبع قدمها دماً وكأن “حنش” لدغها وماتت على الفور.

كما ترك زوجة ثانية وله منها ولد “مُعيد” وقد تزوجها قبل مقتله بثلاث سنوات وكانت قصة زواجه منها أنه طلب منها هي وأختها أن تسترا نفسيهما بالزواج لأنهما من بنات ناس ذوي مكانة وتسكنان في المنطقة لوحدهما، فردت عليه أنها لم تجد من يعجبها من الرجال سوى واحد فقط.. فسألها من هو؟ فقالت له أنت.. فتزوجها وأنجب منها ولداً أسماه “معيد” وقد اختفت هذه الزوجة وطفلها منذ ذلك الحين ولا أحد يعرف مصيرهما حتى اللحظة.

بعد دفن جثة علي أحمد الوجرة أرسلت حملة عسكرية إلى قريته بقيادة عبدالله مسعد وقاموا بتفتيش المنازل ونهبوا كل ما وجدوه فيها من ممتلكات عينية ونقدية وحيوانات وسلاح، وقاموا بنصب خيمتين في العراء ووضعوا النساء والأطفال فيهما ودمروا كل المنازل وعددها قرابة خمسة وعشرين منزلاً.

هاجرت النساء إلى قراهن المجاورة وبقي في الخيمة أطفال الوجرة وجدتهم وزوجة خالهم وأولادها وأولاد عمهم وكان عددهم أكثر من عشرين طفلاً.

وأخذوهم إلى صنعاء إلى منطقة حدة ووضعوهم في منزل قال محمد أحمد إسماعيل لابن الوجرة الأكبر أعطيناك هذا المنزل مع رتبة عسكرية لوالدك فقال مَع.. يكفيني بيتي التي هي عشة في القفر.

وبقي هؤلاء الأطفال في ذلك المنزل قرابة عامين وكانوا يعطونهم “4000” ريال مرتباً لأولاد الوجرة وألفين لأولاد خالهم وألفين لأولاد  عمهم المختفي وذات يوم ذهب محمود علي أحمد الوجرة إلى محمد أحمد إسماعيل وهنا يروي محمود تفاصيل ما دار بينهما: يقول محمود سألني محمد إسماعيل أين أبوك؟ فقلت له لا أدري فقال أرسلناه يدرس الاشتراكية في كوبا.. فقلت له أرسلتموه أنت وعلي عبدالله صالح يدرس الميثاق الوطني تحت الأرض.. فقال: كم باقي مع والدك مخازن اسلحة وألغام وذخائر؟ فقلت له أنا طفل لا أدري. فقال لي: سأعطيك راتباً وسيارة إذا اعترفت لي؟ فقلت له: هل لديك أطفال بعمري؟ قال نعم. قلت له كم تقدّر عمري؟ قال بين الثماني والتسع السنين. فقلت له هل يعلم أطفالك كم معك قوات وأسلحة؟ قال لا فسألته لماذا؟ قال لأنهم أطفال عند أمهم في البيت.. فقلت له وأنا طفل عند أمي في البيت.

فرد عليَّ الله يلعن أبوك.. باين عليك درست النجمة الحمراء فرديت عليه اللعنة.. فقال للحراسة خذوا هذا قبل ما أقتله مثلما أبوه. فقلت له إذا كنت ستقتلني بذنب والدي فاقتلنا أنا وأخوتي جميعاً.

سجن وجوع وموت

وبعدها ذهبت لاستلام المرتب فسجنوني ثلاثة أيام ولم يسلموني المرتب وعندما عدت إلى المنزل وجدته مقفلاً فسألت الجيران فقالوا: أخذه محمد إسماعيل وجهز لكم بيتاً في نقم بالإيجار. فذهبت إلى ذلك المنزل وكان صغيراً مكوناً من غرفتين وحمام.

فأصيب الأطفال بمرض غريب أدى إلى وفاة ثلاثة منهم.. وأسعفنا البقية إلى مستشفى الثورة فجاء ضابط اسمه البيضاني ونقلنا إلى المستشفى الجمهوري وتحمل تكاليف العلاج وأعطانا فرشاً ومواداً غذائية ودلني على رئيس الأركان آنذاك عبدالله البشيري ونائبه علي صلاح. واشتكيت من عدم وجود معاش وقلت له والدي شهيد.. فقال في أي ثورة؟ قلت الثورة ضد الظلم. فردَّ عليَّ وقال: أنا مش مثل أبيك.. أبوك يكرهكم.. أنا رئيس أركان لكن محمد إسماعيل يقدر ينقلنا بشخطة قلم. وحينها تدخل  محمد صلاح وقال بأنه سيقدم مع العقيد الخالدي ويذهب إلى محمد إسماعيل ويطرح عليه الموضوع بطريقة ودية وقالوا ارجع لنا بعد ثلاثة أيام وأعطونا عشرة الف ريال..

محمد اسماعيل: الوجرة شجرة خبيثة

 وبعد ثلاثة أيام قالوا لي اذهب إلى محمد إسماعيل لأن السحر لا يفكه إلا الذي عمله فذهبت إليه في منزله في بير عبيد خلف مدرسة الأيتام. فقال لي اشتكيت عند البشيري يابن المخرب.. واضاف اعادوك إلى عندي. وبعد أخذ ورد حرر لي مذكرة إلى رئيس الجمهورية بخط عبدالله الصرمي مدير شئون أفراد وضباط اللواء الثامن صاعقة وبعد ثلاثة أيام أعطونا أمر الرئيس بصرف ألفي ريال شهرياً باسم المتوفي لأولاده وقلت لهم وأولاد خالي وعمي.. قالوا ما فيش لهم.. فقلت لمحمد إسماعيل والسكن؟ قال حول لك الرئيس بأرض في صحراء الحديدة.

فطلبت منه السماح لنا بالعودة إلى القرية فرفض وقال انتم شجرة خبيثة ويجب قلعها من جذورها.

وفاء جنوبي للوجرة

استمرت أسرة الوجرة تطالب بالعودة وبتعويضهم عمَّا لحق بهم من نهب وتشريد إلى 1990م دون جدوى وبعدها قرر محمود علي أحمد ناصر الوجرة النزول إلى عدن وهناك أستلم مستحقات والده التي كانت معتمدة وهي مبلغ 350 ألف شلن رواتب الفترة السابقة المستحقة لوالده كاملة دون نقصان والتحق بالشرطة الشعبية وبعد حرب 1994م فُصل من الشرطة بحجة أنه شمالي متعاون مع الانفصاليين وبقي بدون مرتب إلى 1998م وقد اضطر للعمل في قطاع خاص من أجل لقمة العيش وكان مقر عمله في المكلا وحينها كان محمد إسماعيل قد عُين قائداً للمحور الشرقي وعندما علم بوجوده هناك استدعاه إلى منزله وأعطاه سبعين الف ريال وطلب منه مغادرة المكلا فوراً أو عدم البقاء فيها لحظة واحدة وقال له أنت جئت إلى هنا لتنتقم مني وطلب منه أن يلتقيه في صنعاء بعد اجازة العيد ألتقاه وأعطاه عشرين الف ريال وطلب منه المغادرة إلى المكلا للتجنيد هناك من جديد وبعد أربعة أشهر سقطت الطائرة وقُتل محمد أحمد إسماعيل.

عدو جبان

ويصف محمود علي الوجرة محمد إسماعيل بأنه كان عدواً شجاعاً على خلاف من جاء بعده وهو محمد علي محسن الذي قال إنه عدو جبان  حيث لم يسمح له بالدراسة وقام بنقله إلى وادي عرف على طريق الانبوب من الضبة إلى المسيلة..

ويقول محمود: قمت ببناء منزل في الريان فسجنني محمد علي محسن بتهمة نهب الأرض فقلت له انتم قتلتم أبي ونهبتم ممتلكاتنا ونهبتم دولة وهذا ما دفعه لنقلي إلى المسيلة.

وبعد كل هذه التفاصيل المأساوية يناشد محمود علي أحمد الوجرة رئيس الجمهورية الالتفات إلى أسرة الشهيد القائد علي أحمد ناصر الوجرة وكل أسر شهداء الحركة الوطنية كما يناشد المنظمات الحقوقية الوقوف إلى جانبهم لرد اعتبارهم وتعويضهم وكشف مصير المخفيين منهم.

يضيف محمود علي أحمد الوجرة حاولنا أن نتقدم بتظلم إلى الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب في فترة لاحقة فرد علينا بخطه: (أن أبوكم كان مخرباً ولا تستحقوا العودة).

زر الذهاب إلى الأعلى